eliasissaoui Admin
عدد المساهمات : 16999 تاريخ التسجيل : 04/07/2013 الموقع : https://www.youtube.com/watch?v=QriWAmC6_40
| موضوع: (...وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً*) الجمعة يوليو 19, 2013 11:26 am | |
| (...وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً*) بقلم : د زغلول النجار - التاريخ : 2010-10-16 بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار القرآن
(365) (...وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً*)
( الأحزاب:38).
بقلم
الأستاذ الدكتور: زغلول راغب النجار
هذا النص القرآنى الكريم جاء فى مطلع النصف الثانى من سورة "الأحزاب", وهى سورة مدنية, وآياتها ثلاث وسبعون (73) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الأسم لورود الإشارة فيها إلى غزوة الأحزاب, والأحزاب تكونت من كفار قريش الذين جاءوا من جنوب بلاد الحجاز, وممن تجمع معهم من القبائل من مثل قبيلتى غطفان وأشجع الذين جاءوا من شمال بلاد الحجاز, وتحزبوا لمحاربة المسلمين, وقاموا بمحصارة المدينة المنورة فى السنة الرابعة للهجرة, فأمررسول الله- صلى الله عليه وسلم- بحفر خندق حول المدينة دفاعا عنها ضد حصار الكفار والمشركين الذين دام لحوالى الشهر, ثم أرسل الله- تعالى- على أحزاب الكفار المحاصرين للمدينة ريحا عاصفة, وجنودا من الملائكة, فاضطروا إلى فك الحصار, وإلى الفرار بعيدا عن المدينة طالبين النجاة, فرجعوا إلى ديارهم بخيبة الأمل.
ويدور المحور الرئيسى لسورة " الأحزاب" حول الوصف التفصيلى للغزوة التى سميت باسمها, وما كان فيها من خوف واضطراب, وما تم فى نهايتها للمسلمين من نصر تحقق به وعد الله.
وبالإضافة لذلك أوردت السورة عددا من التشريعات والآداب الإسلامية وتحدثت عن الأخرة وأهوالها’ ونصحت بضرورة الالتزام بتقوى الله’ وختمت بالحديث عن الأمانة التى حملها الإنسان, ولم يطق حملها أى من السماوات والأرض والجبال.
هذا وقد سبق لنا استعراض سورة "الأحزاب", وما جاء فيها من التشريعات, وركائز كل من العقيدة والعبادات والأخلاق, ونورد هنا الحديث عن ومضة الإعجاز التشريعى فى الدعوة إلى الأيمان بقدر الله.
من أوجه الإعجاز التشريعى فى النص الكريم
يقول ربنا- تبارك وتعالى- فى محكم كتابه: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ) ( الأحزاب:38).
نزلت هذه الأية الكريمة فى التأكيد على أنه ما كان على النبى- صلى الله عليه وسلم – من حرج فيما فرض الله – تعالى – له أى: فيما أحل الله – سبحانه وتعالى – له, وأمره به من الزواج بالسيدة / زينب بنت جحش – رضى الله عنها – بعد أن كان زيد بن حارثة قد طلقها, من أجل أن يشرع الله – جل جلاله – تحريم التبنى, ويؤكد على جواز التزوج بمطلقات الأبناء المتبنين تأكيدا على عدم شرعية عملية التبنى التى كانت سائدة فى زمن الجاهلية, ولا يزال الكثيرون من الجهلة بالدين يمارسونها إلى يومنا هذا.
وفى هذا السياق يروى ابن عباس – رضى الله عنهما – أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطب زينب بنت جحش لزيد بن حارثة – رضى الله عنهما – فاستنكفت منه, وقالت: أنا خير منه حسبا, فأنزل الله – تعالى -: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً ).( الأحزاب : 36).
وإن كانت الآية أمرا عاما بطاعة أوامر الله – تعالى – وأوامر رسوله – صلوات الله وسلامه عليه – فى كل أمر من الأمور, فإذا حكم الله ورسوله بشئ’ فليس لأحد من الخلق مخالفته, ولا اختيار لأحد ههنا, ولا رأى ولا قول.
وتستمر الآيات بعد ذلك بخطاب من الله – تعالى – موجه إلى خاتم أنبيائه ورسله – صلى الله عليه وسلم – يقول له فيه: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً* مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً).( الأحزاب:37-38).
وتشير هاتان الآيتان الكريمتان إلى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان قد زوج زيد ابن حارثة بابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية بأمر من الله – تعالى – بعد أن أنعم الله عليه بالإسلام وبمتابعة الرسول الخاتم – صلى الله عليه وسلم – ثم أنعم عليه رسول الله بعتقه من الرق وهو من أسرة عريقة, ولكنه كان قد أسر صبيا صغيرا وبيع رقيقا فى أسواق مكة فاشترته السيدة خديجة – عليها رضوان الله- ووهبته لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- فأعتقه. وبعد زواج دام قرابة السنة وقع بين الزوجين خلاف فجاء زيد يشكوها إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فجعل رسول الله يوصيه بأن يمسك عليه زوجه وأن يتقى الله فيها, ولكن الله – تعالى – كان قد أعلم نبيه بأن ابنة عمته زينب بنت جحش ستكون من أزواجه, من قبل أن يتزوجها, وكان الله – تعالى- قد أمره أن يزوجها من زيد بن حارثة ثم أنها سوف تطلق منه ليتزوجها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى يبطل ظاهرة التبنى, ويبيح للأباء الزواج من مطلقات الأدعياء, وأن يعوض السيدة زينب بنت جحش عن الزواج من عبد طليق وهى من سادات قريش, وأن يعوض ذلك العبد الطليق الذى كان قد أسر فى طفولته وبيع رقيقا فى أسواق مكة وهو من أشراف قومه. ولذلك عندما جاءه زيد شاكيا من زوجته أوصاه بالمحافظة على بيته وهو يعلم أن ذلك لن يكون, ومن هنا قال له الله – تعالى – ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ). وكان ذلك كله بتقدير من الله – تعالى – حتى يؤمن كل مسلم ومسلمة بقضاء الله وقدره كركن من أركان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر’ وبالقدر خيره وشره’ ولذلك قال – تعالى -: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ). ( الأحزاب:38). | |
|