بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده، ونستعين به، و نسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
مقدمات هامة بين يدي الموضوع
أيها الإخوة الكرام، الموضوع الذي سأعالجه يحتاج إلى عدة مقدمات:
المقدمة الأولى: معركة الحق والباطل والكفر والإيمان:
قال تعالى:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾
[ سورة الليل ]
الشاهد:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾
[ سورة الليل ]
إذاً البشر على اختلاف مللهم ونحلهم، وانتماءاتهم وأعراقهم، وأنسابهم هم عند الله مؤمن وكافر، مؤمن أن لهذا الكون إلهاً عظيماً، ورباً رحيماً، ومسيراً حكيماً، وأن أسماءه حسنى، وصفاته فضلى، وأنه خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، وأنه جاء بنا إلى الدنيا كي نتعرف إليه، ونستقيم على أمره، ونحسن إلى خلقه كثمن الجنة، والفريق الآخر كفر بالله، وكفر بالجنة، واستغنى عن طاعة الله، وبنى حياته على الأخذ، وأساء إلى خلق الله، هذا التقسيم القرآني تقسيم خالق السماوات والأرض، وفي الأرض مئات التصنيفات لا أصل لها عند الله عز وجل، لذلك كان من الممكن أن يكون أهل الكفر في كوكب آخر، وكان من الممكن أن يكونوا في قارة أخرى، وكان من الممكن أن يكونوا في حقبة أخرى، ولكن شاءت إرادة الله وحكمته أن نكون معاً على سطح الأرض، النتيجة الحتمية إذاً لا بد من أن تكون هناك معركة بين الحق والباطل من آدم إلى يوم القيامة، معركة بين فريقين الآية:
﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾
[ سورة آل عمران ]
المقدمة الثانية: شاءت حكمة الله اجتماع أهل الحق والباطل على الأرض:
إذاً شاءت حكمة الله أن نجتمع في الأرض معاً، ينتج عن هذا الاجتماع أن معركة الحق والباطل من آدم إلى يوم القيامة، هذا قدرنا بمشيئة الله فينا، ولحكمته المطلقة المتعلقة بالخير المطلق، لذلك حينما ترد في القرآن الكريم كتاب رب العالمين منهج الإنسان إلى يوم الدين آيات القتال معنى ذلك أنه من سنن الله في خلقه أن يكون اقتتال بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين الكفر والإيمان.
أيها الإخوة، قال تعالى:
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة البقرة ]
فرضية الجهاد على المسلمين وأهدافه
فالمسلم حينما يختار السلم على طريقتهم الذي هو الاستسلام والخضوع، والانبطاح وتنفيذ أدق التفصيلات، إن سكت استباحوه، وإن تكلم قتلوه، يأخذون منا كل شيء دون أن نعطى شيئاً، هذا المفهوم للسلام عندهم بديله خيار الجهاد في سبيل الله، لذلك جاء الآية الثانية:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
[ سورة الأنفال: 60]
مما يقتضي أن القتال كتب علينا، لأنها معركة قديمة ومستمرة بين الحق والباطل، إذاً: لا بد من أن نعد لأعدائنا العدة المتاحة، وما لم نفعل ذلك كنا في الأسفلين، تنتهك حرماتنا، تحتل أراضينا، يذل جيلنا، تؤخذ أموالنا، يفرض علينا إرادتهم وثقافتهم وإباحيتهم، لذلك الذي حذف من الدين، وهو أن نعد لهم ما استطعنا من قوة هو سبب ضعف المسلمين.
من أهداف الجهاد: عدم قتال غير المقاتل كالأطفال والنساء والشيوخ:
أيها الإخوة الكرام، من الآيات الأخرى:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾
[ سورة البقرة: 190]
دققوا، لا يجوز أن تقاتل طفلاً، ولا امرأة، ولا شيخاً، ولا غير محارب.
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ﴾
[ سورة البقرة: 190]
أنت حينما تقاتل امرأة أو طفلاً أو إنساناً غير محارب فأنت من المعتدين، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة البقرة: 190]
بعض أهداف القتال، قال تعالى:
﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ﴾
[ سورة النساء: 75]
أيها الإخوة الكرام، يقول الله عز وجل فقاتل، يخاطب نبيه الكريم:
﴿ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً ﴾
[ سورة النساء: 84]
من أهداف القتال: حماية المستضعفين:
إذاً من أهداف القتال أن تحمي المستضعفين النساء، والأطفال والشيوخ.
من أهداف القتال: كفُّ بأس الكفار:
ومن أهداف القتال أن تكف عنك بأس الكافر الذي لا يرحم، يتفنن في التدمير.
أيها الإخوة الكرام، الآن هناك نهي كبير جداً، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
[ سورة الأنفال ]
تطميناً لنا، قال تعالى:
﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ﴾
[ سورة الأنفال: 17]
يريدك أن تحدث نفسك بالجهاد، من لم يجاهد، ومن لم يحدث نفسه بالجهاد مات على ثلمة من ثلم النفاق.
﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنفال: 17]
الله عز وجل قادر أن ينهي حياة الكفار بزلزال، بسكتة، بصيحة واحدة يكونون هامدين، لكن الله عز وجل أراد أن يكسبنا شرف أن نحارب في سبيل الله.
من أهداف القتال أيضاً أن تحمي المستضعفين من الرجال والنساء والأطفال وأن تكف بأس الذين كفروا، قال تعالى:
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾
[ سورة البقرة: 193]
من أهداف القتال: الحماية من الغزو الثقافي:
الغزو الثقافي أخطر من الغزو العسكري، حينما يشيع الفساد في أمة، حينما تفسد أخلاق الشباب والشابات، حينما يكون همّ الإنسان إمتاعه بشهوة محرمة تنتهي الأمة.
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
* * *
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾
[ سورة البقرة: 193]
من أهداف القتال: منع الفتنة العامة:
حتى لا يفرضوا علينا إباحيتهم، حتى لا يعطونا درساً بأن الزواج هو عقد بين شخصين لا بين رجل وامرأة، قد يكون بين رجلين، أو بين امرأتين، حتى لا يعطونا تعليمات إباحية في مؤتمرات السكان:
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 193]
من أهداف القتال: الخضوع لمنهج الله:
الخضوع لمنهج الله، قال تعالى:
﴿ فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾
[ سورة البقرة: 193]
وليس القتال هدفاً في ذاته إطلاقاً، إنما هو وسيلة لذلك، قال تعالى:
﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾
[ سورة الأنفال: 61]
بل إن الله حينما قال:
﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ﴾
[ سورة الفتح ]
وهو صلح الحديبية.
الله من أسمائه السلام، والفتح المبين الذي ذكره الله في القرآن الكريم هو السلام، كيف أن المركبة صنعت لتسير وفيها مكبح، والمكبح في التحليل الدقيق يتناقض مع علة صنعها لإيقافها، ولكن إيقافها من أجل سلامتك:
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾
[ سورة البقرة ]
﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ﴾
[ سورة النساء: 76 ]
الطغيان والعدوان، والإذلال والإفقار، والإضلال والإفساد والإبادة، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ﴾
[ سورة النساء ]
لا تخافوا، لا تقلقوا إن كيد الشيطان كان ضعيفاً.
أيها الإخوة الكرام، قال تعالى:
﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ ﴾
[ سورة النساء: 74 ]
هذا الذي كفر بالآخرة، وآمن بالدنيا أراد أن يغرق في المعاصي والمخالفات، أراد أن يغرق في المتع، أراد أن يعيش حياة لا يعيشها إلا واحداً بالمئة من أهل الأرض من أجل هذا يعتدون، قال تعالى:
﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ ﴾
[ سورة النساء: 74 ]
الباء مع الشيء المتروك، أتستبدلون بالذي هو خير، بالتعبير العامي العكس، بالتعبير الفصيح المتروك يأتي متأخراً مع الباء، هؤلاء الذين كفروا بالآخرة كفروا بالأديان كلها، آمنوا بالمتعة والمال، والشهوة والجنس، قال تعالى:
﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ﴾
[ سورة النساء ]
﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ ﴾
[ سورة البقرة: 154 ]
بكل ما في هذه الكلمة من معنى:
﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 154 ]
قال تعالى:
﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة البقرة: 251]
يوم كان في الأرض كتلتان كبيرتان متوازنتان كان هذا رحمة بالضعفاء، نعمة ما كنا نعرفها، يوم كانت ما كنا نعرفها، وقد علمنا النبي الكريم أن نبحث عن النعم لا عند زوالها، ولكن في أثناء وجودها، كان هناك توازن بين كتلتين كبيرتين، وهذه الدول الضعيفة تغازل هذه الكتلة تارة، فتأخذ من خصمها مبالغ طائلة، وتغازل هذه الكتلة تارة أخرى، فتأخذ من المقابلة أموالاً طائلة، كان هناك كما يقال جزرة و عصا، الآن عصا فقط، قال تعالى:
﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴾
[ سورة البقرة: 251]
﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴾
[ سورة البقرة: 251]
وقد فسدت.
﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾
[ سورة البقرة: 251]
حينما يدفع بعض الناس بعضهم، قال تعالى:
﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾
[ سورة آل عمران: 195]
أهمية المعنويات المرتفعة عند المسلمين: الاستشهاد ثمن الجنة
أيها الإخوة الكرام، معنويات المؤمنين مهمة جداً، لذلك في آيات كثيرة يرفع الله معنويات المؤمنين، قال تعالى:
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾
[ سورة آل عمران ]
﴿ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾
[ سورة آل عمران ]
هؤلاء الذين يجمعون الملايين المملينة من أجل متعهم واستعلائهم، وغطرستهم من أجل أن يرتكبوا المعاصي والآثام، قال تعالى:
﴿ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾
[ سورة آل عمران ]
أيها الإخوة الكرام، يقول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
[ سورة التوبة ]
ثم يقول الله عز وجل، هذه التضحية بالغالي والرخيص، والنفس والنفيس هي ثمن الجنة:
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾
[ سورة آل عمران ]
لذلك:
﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾
[ سورة النساء ]
أيها الإخوة، مرة ثانية: من لم يجاهد، ومن لم يحدث نفسه بالجهاد مات على ثلمة من ثلم النفاق.
الجهاد الدعوي بديل عن الجهاد القتالي عند فقده
ولكن قد لا يكون الجهاد القتالي متاحاً، أقدم لكم بدائل:
﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
[ سورة الفرقان ]
الجهاد الدعوي جهاد كبير في نص القرآن الكريم، وقد يكون الجهاد بالمال جهاد كبيرا، بدليل حديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا... ))
[ متفق عليه ]
وكأنه غزا، يعني جاهد بماله.
أحياناً، لا يتاح الجهاد القتالي، الحياة معقدة جداً لكن جهاد بذل المال متاح لكل إنسان،
(( مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا... ))
ويوم جاء المهاجرون فالذين أسكنوهم، وأنفقوا عليهم، وعالجوهم، وأعطوهم الأدوية والطعام والشراب والكساء واحتضنوهم في البيوت،
(( وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا ))
هناك بدائل أقلّ شيء أن تدعو في منتصف الليل لهؤلاء المجاهدين في شتى بقاع المسلمين، بدءاً من أفغانستان، إلى العراق، إلى فلسطين، إلى لبنان، حينما تدعو إلى هؤلاء فلك أجرك، ولك حظك من الجهاد، حينما تبكي، وأنت ترى أطفالهم قد قتلوا، وشيوخهم قد قتلوا تحت الأنقاض، حينما تبكي، وحينما تدعو لك نصيب في الجهاد، هناك بدائل، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾
[ سورة الأنفال الآية: 45]
المعركة السياسية أخطر من المعركة العسكرية
لعل المعركة ما بعد الحرب أخطر من المعركة في أثناء الحرب، وقد بدت المعركة بعد الحرب أخطر، المعركة السياسية أخطر من المعركة العسكرية، لذلك:
﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
[ سورة الأنفال ]
والله أيها الإخوة الكرام، الذي يقرأ لا يصدق ما في صحف العدو يجد أنهم يقولون: انهزمنا، لن تقوم لنا قائمة، وجودنا في خطر، غير أمننا، المشكلة كانت الأمن، الآن الوجود، درس بليغ، القوي يمكن أن ينهزم، شاع فينا ثقافة الاستسلام، ثقافة الانهزام، ثقافة توقع أن هذا العدو لا يقهر، أن هذا الجيش لا يقهر، والله الذي أصابهم لم يصابوا به منذ عام الثمانية والأربعين، أول مواجهة يخسرون كل شيء، ولم يحققوا هدفاً واحداً إطلاقاً، فلذلك قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
[ سورة الأنفال ]
الكفر ملة واحدة ويد قوية على المسلمين
آية دقيقة جداً في سورة الأنفال، يقول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا ﴾
[ سورة الأنفال الآية: 71 ]
هذه آية، الآية الثانية:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنفال الآية: 72 ]
هذه التحالفات، وثلاثون دولة متحالفة في العراق، والآن تحالفت جميع الدول إنقاذاً لعدونا، هم ينتظرون، انتظروا أسبوعاً، فلم تحقق الأهداف، أسبوعين، ثلاثة أسابيع، أربعة أسابيع، تحركوا لا من أجلنا، لا والله، من أجل أعدائنا، تحركوا جميعاً، واجتمعوا، وقرروا، وهيئوا الجيوش إنقاذاً لأعدائنا، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنفال: 73]
في الآية سؤال كبير، يقول الله عز وجل:
﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾
[ سورة الأنفال: 73]
على أيّ شيء تعود هذه الهاء ؟
﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾
[ سورة الأنفال: 73]
في آية ثانية، بل بين الآيتين آية، أنا أغفلتها، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾
[ سورة الأنفال: 72]
بعدها آية، والتي بعدها:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾
[ سورة الأنفال: 73]
ضمير الغائب، قال تعالى:
﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾
[ سورة الأنفال: 73]
هل تصدقون أنه ما مرّ على تاريخ البشرية وقت فيه فساد كهذا الفساد يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير، إن سكت استباحوه، وإن تكلم قتلوه، موت كعقاص الغنم كل يوم مئة قتيل، لا يدري القاتل لم يقتل ؟ ولا المقتول فيم قتل ؟
﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾
[ سورة الأنفال: 73]
عدم النصرة يعني فتنة المسلمين وانتشار الفساد
على من تعود الهاء ؟ تعود على الآية التي قبلها، يعني إن لم تؤمنوا، وإن لم تهاجروا، وإن لم تجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل، الله وإن لم تؤوا، وإن لم تنصروا فأمامكم فتنة في الأرض وفساد كبير، هذه الفتنة يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، يؤتمن الخائن، ويخوَّن الأمين، قال تعالى:
﴿أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾
[ سورة التوبة: 123]
الله عز وجل يقول:
﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران: 119]
لعلنا الآن صدقنا ربنا عز وجل، فلا يمكن أن نأخذ منهم شيئاً، هذا البلد الذي ربيب دولة في أوربا، الربيبة المدللة تخلت عنها، ودمرت بأكملها، لذلك يقول الله عز وجل:
﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾
[ سورة الحج ]
ثم يطمئننا ربنا عز وجل فيقول:
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾
[ سورة آل عمران: 196 - 197]
كلام رب العباد.
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾
[ سورة آل عمران: 196 - 197]
لكن قال تعالى:
﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾
[ سورة آل عمران ]
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
[ سورة إبراهيم ]
﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾
[ سورة التوبة: 14 ]
ويشف صدور قوم مؤمنين
لكن في الآية شاهد دقيق جداً،
﴿ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴾
القهر والإذلال والإفساد، والاستعلاء والغطرسة تسبب أمراضاً للمؤمنين، قال تعالى:
﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة التوبة: 14 ]
ارتاح المسلمون في شتى بقاع الأرض لهذه المواجهة مع الأعداء الذي أذلتهم، ونكست أعلامهم، وجعلت أنفهم في التراب، وجعلهم يولولون، ويتسابقون إلى الفرار، هذا فضل من الله عز وجل.
أنواع النصر
1 ـ النصر الاستحقاقي:
وأنا أقول دائماً أيها الإخوة الكرام: هناك نصر استحقاقي، هو بفضل الله ورحمته وعدله، الدليل قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
[ سورة آل عمران: 123]
2 ـ النصر التفضلي:
وهناك نصر تفضلي بفضل الله ورحمته وحكمته، بدل عدله حكمته، الدليل:
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴾
[ سورة الروم ]
هذا نصر تفضلي.
3 ـ النصر الكوني:
وهناك نصر كوني، الأقوى ينتصر، الذي عنده السلاح المتطور ينتصر، الذي عنده القنابل العنقودية والإنشطارية، والحارقة والخارقة، والطائرات، هذا ينتصر إذا نحي الإيمان جانباً.
أيها الإخوة الكرام، لكن الذي أتمنى أن يكون واضحاً لديكم تلك الآية:
﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
[ سورة البقرة ]
أيها الإخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.
* * *
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تعليق على قول وحيد القرن: إن المسلمين فاشيون
أيها الإخوة، طلبت مني صحيفة يومية عربية أن أعلق على قول وحيد القرن بأن المسلمين فاشيون فكان جوابي:
حينما يتهم إنسان ما أن المسلمين فاشيون هذا الكلام يعني ابتداءً أو ضمناً أن هذا الإنسان المتهم ليس فاشياً، أي أن الكيان الصهيوني، والقطب الأوحد الذي وراءه ليس فاشياً، أما الذين أحرقوا الأخضر واليابس، ودمروا البلاد والعباد، وهدّموا البنية التحتية، وهدّموا خمسة عشر ألف بيت سكني، ودمروا كل الجسور، وقتلوا ألفاً من الشيوخ والنساء والأطفال، وشردوا مليون