منتديات احفاد الرسول
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات احفاد الرسول

بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتفسير القران الكريم قراءة القران الكريماذاعات القران الكريمكتبقنواتقصص رائعة منتديات الياس عيساوي بث قناة الجزيرةاوقات الصلاةاستماع للقراءن الكريم
دليل سلطان للمواقع الإسلامية

 

  مقومات التكليف : الشهوة ـ العدالة والضبط : جرح العدالة ـ خلق الإنسان الجنين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
eliasissaoui
Admin
eliasissaoui


ذكر عدد المساهمات : 16999
تاريخ التسجيل : 04/07/2013
الموقع : https://www.youtube.com/watch?v=QriWAmC6_40

 مقومات التكليف : الشهوة ـ العدالة والضبط : جرح العدالة ـ خلق الإنسان الجنين Empty
مُساهمةموضوع: مقومات التكليف : الشهوة ـ العدالة والضبط : جرح العدالة ـ خلق الإنسان الجنين    مقومات التكليف : الشهوة ـ العدالة والضبط : جرح العدالة ـ خلق الإنسان الجنين I_icon_minitimeالخميس أغسطس 28, 2014 2:37 am

بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم وترحيب :
 أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامجكم الإيمان هو الخلق .
 كنا في حلقاتنا المتسلسلة ، وفي محطاتنا التي كنا ننعم وإياكم بها في ظل علم الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
 أهلاً وسهلاً بالأستاذ الدكتور .
 أهلاً بكم أستاذ علاء .
الأستاذ علاء : 
 كنا قد تحدثنا عن مقومات التكليف خلال هذه السلسلة الطويلة من الحلقات ، وتحدثنا في مقومات التكليف عن الكون ، وأفردنا للكون مساحات واسعة ، وكذلك العقل ، ثم الفطرة ، ووضعنا رحالنا عند الشهوة .
 استغرقت قضية الشهوة ، وهي من مقومات التكليف استغرقت حلقتين ، ويبدو أن الموضوع لم ننتهِ منه بعد ، أستاذنا الدكتور ستوسع صدرك للأسئلة في هذا المنحى ، وهي قضية حساسة ، وهي بحاجة إلى شرح حتى لا يضيع ، ولا يتيه الفهم فيها .
 الشهوة شيء ، وهي حيادية كما تفضلت ، أودعها الله في عبادة في الجبلّة ، والمغالبة بين ما يشتهي من خلال الشهوة الإنسان ، وبين التكليف هذه المغالبة هي ثمن الجنة كما مر معنا .
 هنالك قضايا ملحقة بالشهوة ، مسألة العدالة والضبط ، الضبط هو الدقة في الوصف ، الدقة في الكلام ، الدقة في الفهم ، الدقة في التعبير ، والعدالة كما فهمناها من أساتذتنا هي الاستقامة ، لكن هذه العدالة لا تبقى على حالها ، هكذا حياة الناس وحياة البشر يعتور العدالة شيئان ، الشيء الأول يسقط العدالة ، الشيء الثاني يجرح العدالة ، ماذا عن هذا المفهوم ، وكيف نظر الشرع إلى هذه القضية وكيف عالجها ؟ .
الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
مقدمة :
1 – الشهوة قوةٌ حيادية :
 أستاذ علاء ، لابد من وقفة قصيرة جداً ، أربط الحلقتين السابقتين بهذه الحلقة .
 يتوهم الناس أحياناً أنه لولا الشهوات لما هلك الإنسان ، والحقيقة أنه لولا الشهوات لما ارتقى الإنسان إلى رب الأرض والسماوات ، هي قوة دافعة ، أو قوة مدمرة ، إذاً هي حيادية .
 كنت قد ضربت مثلاً حول الوقود السائل في السيارة ، إذا وضع في المستودعات المحكمة ، وسال في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ولّد حركة نافعة ، وأقلّتك أنت وأهلك وأولادك إلى مكان جميل ، وإذا صُبّ هذا الوقود السائل على السيارة ، وأصاب السيارة شرارة أحرق المركبة ومن فيها .
 الشهوة قوة دافعة ، إذا هي قوة مدمرة ، إذاً هي حيادية ، موقوفة على طريقة التعامل معها ، إما أن تكون الشهوة سلماً نرقى به إلى أعلى عليين ، أو دركات نهوي بها إلى أسفل سافلين ، والشهوات بمثابة المحرك في المركبة ، والعقل بمثابة المقود ، والشرع بمثابة الطريق ، فمهمة الشهوات الحركة ، مهمة العقل إبقاء المركبة على الطريق ، والشرع هو الطريق .
2 ـ الشهوات سلّمٌ نرقى بها أو دركات نهوي بها :
 إذاً : الشهوات لها معنى إيجابي ، ودائماً وأبداً حينما نتحدث عن الأوامر والنواهي ، ومعظم الأوامر والنواهي متعلقة بالشهوات ، متعلقة بشهوة النساء ، وشهوة المال ، فتكاد معظم الأحكام الفقهية تنصب على هذين الحقلين الكبيرين .
 إذاً الشهوات حيادية ، وسلم نرقى بها أو دركات نهوي بها ، وموقوفة على نوع استخدامها ، والشر ليس إلى الله ، إنه من صنع أيدينا ، كما قال عليه الصلاة والسلام :
(( الشر ليس إليك ))
[ مسلم عن علي ]
 ثم إن الحقيقة يمكن أن تمثل بهذا المثل :
 هناك مساحيق بيضاء ثلاثة ، الأول سكر ، والثاني ملح ، والثالث مسحوق غسيل ، المساحيق الثلاثة مفيدة ونافعة ، ولها ثمن ، أما إذا وضعنا مسحوق الغسيل في الطبخ ، فسد الطبخ ، ولو وضعنا الملح في الحلويات فسدت .
3 ـ الشر يأتي من سوء الاستخدام :
 إذاً : الشر يأتي من سوء الاستخدام ، ليس هناك شر مخلوق ، الشر من سوء الاستخدام .
 مركبة رأيتها معجونة عجناً ، لأن الذي قادها كان ثملاً ، قد شرب الخمر ، ليس لشكل هذه السيارة الطارئ بعد سقوطها في الوادي ليس لها معملاً صنعها بهذه الطريقة ، المعمل صنع سيارة جديدة أنيقة رائعة ، لكن هذا الوضع الأخير نتج من سوء استخدامها ، من قيادتها ، والسائق ثمل .
الأستاذ علاء :
 هل نستطيع أن نعتبر بأن الخير قديم ، وأن الشر طارئ ؟ .
الدكتور راتب :
مقدمة :
 الأصل أن الله بيده الخير :

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
( سورة آل عمران )
 لم يكن كما يتوقع بيدك الخير والشر ،
﴿ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾
 فإيتاء الملك خير ، ونزعه خير ، أن يعز الله مخلوقاً خير ، وأن بذله خير ، لكن العلماء قالوا : هناك بعض أسماء الله الحسنى لا ينبغي أن تذكر إلا مثنى :
* الضار النافع * لا ينبغي أن تقول : الله ضار ، هو ضار نافع ، أي يضر لينفع .
* الخافض الرافع * ، يخفض ليرفع .
* المذل المعز * ، يذل ليعز .
* المانع المعطي * ، يمنع ليعطي .
 وقد قال ابن عطاء السكندري : " ربما أعطاك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك ، وإذا كشفت لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء .
 هذا معنى قوله تعالى :

﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
( سورة البقرة )
 وقد قال بعض علماء العقيدة : الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين .
 هناك إنسان كان يطوف حول الكعبة يقول : يا رب ، هل أنت راضٍ عني ؟ كان وراءه الإمام الشافعي ، فقال : يا هذا ، هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك ؟ قال : سبحان الله ! من أنت ؟ قال له : أنا محمد بن إدريس ، قال له : كيف أرضى عنه ، وأنا أتمنى رضاه ؟ قال : يا هذا ، إذا كان سرورك بالقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله .
 الحقيقة أن الطفل الصغير حينما يجلس على كرسي طبيب الأسنان فيتألم ، ويصرخ ، ويصيح ، وإذا كان صغيرًا جداً يضرب يد الطبيب ، أما الراشد فلا يتكلم ، مع أنه يتألم ، لكنه يوقن أن هذا لمصلحته .
 هذه مقدمة عن الشهوات ، هي حيادية ، وهي سلم نرقى بها ، أو دركات نهوي بها .
من صفات المؤمن : العدالة والضبط :
 من ملحقات هذا الموضوع صفتان يتصف بهما المؤمن ، العدالة والضبط .
 الضبط متعلق بعلم العقيدة ، أن يفهم الإنسان فهماً دقيقاً ، أن يملك ذاكرة قوية ، أن يعبر تعبيراً دقيقاً ، فمن فقد صفة الضبط لا يؤخذ عنه الحديث ، أما العدالة هي الاستقامة ، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة أنه :
(( من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدثهم ولم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت أخوته ، وحرمت غيبته ))
[ورد في الأثر]
 لذلك :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
( سورة الحجرات )
 لكنه من عامل الناس فظلمهم ، وحدثهم فكذبهم فهو مستقيم ، لكن كفى بها خيانة أن تحدث أخاك بحديث هو لك به مصدق ، وأنت له به كاذب ـ وحدثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم هو ممن كملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت أخوته ، وحرمت غيبته ـ لكن من ظلمهم ، ومن كذبهم ، ومن أخلفهم سقطت عدالته ، وبالتعبير المعاصر سقطت حقوقه المدنية .
الأستاذ علاء :
 سيدي الكريم ، من هنا لو سمحت لي بدأ علم مصطلح الحديث يأخذ أبعاده ، ووضع القواعد والأسس لتبيان الحديث الصحيح من الحديث المكذوب ، من الحديث الضعيف بالجرح والتعديل .
الدكتور راتب :
الكب من أقبح الصفات :
 هذا الذي سافر من المدينة المنورة إلى البصرة ، ليتلقى حديثاً عن إنسان ، قبل أن يلتقي به أو قبل أن يحدثه وجده يوهم فرسه أن في رداءه طعاماً ، فلما أقبلت عليه الفرس لم تجد شيئاً ، فلم يلتق به ، وقال : الذي يكذب على فرسه لا يمكن أن يؤخذ عنه حديث لرسول الله .
 والنبي عليه الصلاة والسلام كان في بيت أحد أقربائه ، فقالت الزوجة لابنها : تعال هاك ، فقال عليه الصلاة والسلام : ماذا أردتِ أن تعطيه ؟ قالت : تمرة ، قال : كما أنك لو لم تفعلِ لعدت كذبة ، لكن وجد في جيبها تمرة ، لو كانت خالية لكانت كذبة .
 الصغير أحياناً يتعلم الكذب من أمه وأبيه ، لمجرد أن يقول الأب لابنه : قل له : لست في البيت ، فقد علّمه الكذب ، لمجرد أن تقول الأم لزوجها أمام بنتها : لم نخرج من البيت ، وقد خرجتا ، فقد تعلّمت البنت الكذب من أمها .
 لذلك في علم القيادة ، والحقيقة خطيرة جداً هناك مجموعة القيم ، والمبادئ ، والعادات والأساليب ، وأنماط المعيشة ، وأساليب النظافة ، هذه كلها تتكون في الطفل من السنة الأولى حتى السابعة ، كل القيم التي يطمح الأب أن تكون في ابنه والمبادئ ، والانضباط الأخلاقي ، والعادات الصحية في الأكل والشرب والنوم ، وفي العلاقات الاجتماعية ، مجموعة هذه القيم التي يطمح كل أب أن يكون ابنه متمثلاً لها هذه لا تغرس إلا في سنٍ مبكرة بين السنة الأولى والسابعة ، وبعد هذه السن العوض بسلامتك ، أي أن الطفل ثبت على عادات سيئة .
 لذلك يجب أن نعتني بالتعليم الابتدائي ، لأنه أخطر مرحلة في التعليم ، يجب أن يكون المعلم مربياً ، واعياً ، أخلاقياً ، أفقه واسع ، عنده أخلاق رفيعة جداً ، لأن أغلى شيء نملكه بين يديه ، وأغلى شيء نملكه بين يديه .
الأستاذ علاء :
 كيف إذا جُرحت أو سقطت عدالة المربي أمام هذا الصف والتلاميذ ؟
الدكتور راتب :
 يكفي أن يدخن أمامه .
الأستاذ علاء :
 ثبت هذا الجرح في أذهانهم ، وتستقيم حياتهم إن صح التعبير ، أو تمشي على هذا الشيء ، وبعد السابعة لا نستطيع أن ننزع هذا الشيء ، إلا بشكل ضئيل جداً ، وبمجهود كبير .
سقوط العدالة :
الدكتور راتب :
 إذاً : سقوط العدالة أن تحدث الناس فتكذبهم ، أو أن تعاملهم فتظلمهم ، أو أن تعدهم فتخلفهم .
 لكن جرح العدالة شيء آخر : تماماً كإبريق من البللور أمسكت مطرقة وكسرته ، هذا سقوط العدالة ، وقد يقع الإبريق فيشعر ، فيه خط ، هذا اسمه شعر ، فالعدالة تجرح جرحا .
 مثلاً : من أكل لقمة من حرام جرحت عدالته ، لا يريد أن يشتري ، أخذ قطعة فاكهة ، قال له البائع : خذ ، انتقى أكبر قطعة وأكلها ، ولا ينوي أن يشتري ، فكأنه أكل لقمة من حرام ، أو تطفيف بتمرة ، فلم يرجح الميزان ، أحياناً يضع بائع قطعة اللحم بقوة في الكفة فترجح ، أحيانا تأتي مروحة ، والمادة غالية جداً فترجح الكفة بفعل المروحة ، وأحياناً العبوة ثقيلة جداً ، يبيع مادة غالية جداً بعبوة رخيصة جداً بوزن ثقيل ، فكأنه باع هذه العبوة بمئة ضعف من ثمنها .
 لذلك تطفيف بتمرة يجرح العدالة ، أكل لقمة من حرام يجرح العدالة ، صحبة الأراذل ، الإنسان الأخلاقي المنضبط لا ينبغي أن يراه الناس مع من سقطت عدالته ، من كان لسانه بذيئاً ، من كان مزاحه رخيصاً ، صحبة هذا الإنسان الفاضل مع هذا الإنسان يجرح عدالته ، بل إن الماء الصافي العذب الزلال إذا خلطناه مع ماء آسن مَن الذي يتضرر ؟ الماء النظيف ، أما الماء الآسن في الأصل فهو آسن .
الأستاذ علاء :
 هنالك من الشباب من يقول : أنا يا أخي مستقيم ، بالنسبة لي الحمد لله ، لا أرتكب المحارم ، بالنسبة لي أخاف الله ، لكن هؤلاء رفاقي بالحي ، إذا جالستهم لا أتأثر ، هل هذا الكلام صحيح ؟
صحبةُ غير المستقيم بين الحقيقة والضوابط :
الدكتور راتب :
 أولاً مسموح في علاقات العمل ، يجب أن تكون ودوداً ، منضبطاً ، مطيعاً لرئيسك في العمل ، هذه علاقة عمل لا شائبة فيها إطلاقاً ، كلنا يعمل ، ففي مكان عمله أناس متفوقون ، متخلقون ، أخلاقيون ، غير أخلاقيين .
 حينما أقيم علاقات عمل فلا شيء عليّ فيها ، أما حينما أقيم علاقات حميمة مع أناس فاسدين كيف انسجمت معهم ؟ كيف ألِفت كلامهم ؟ كيف قبِلت أفكارهم ؟ كيف رضيت عن تصرفاتهم ؟ معنى ذلك أن هناك قواسم مشتركة ، لذلك أنت حينما تعرف الإنسان تعرفه من صديقه .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
( سورة التوبة )
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾
( سورة الكهف الآية : 28 )
ملمحٌ لطيفٌ :
 كملمح لطيف ، لا تعني كلمة :
﴿ أَغْفَلْنَا ﴾
  أن الله خلق الغفلة في قلب هذا الإنسان ، معاذ الله ، معنى :
﴿ أَغْفَلْنَا ﴾
 بالضبط في المعاجم وجدناه غافلاً ، عاشرت القوم فما أجبنتهم ، أي ما وجدتهم جبناء ، عاشرت القوم فما أبخلتهم ، أي ما وجدتهم بخلاء :
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾
﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
( سورة الكهف )
 إذاً : لا بد من حمية اجتماعية ، هذا المؤمن الذي أراد أن يكون متفوقاً عند الله لا بد من أن يصحب المؤمنين ، لذلك :
(( لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
[أخرجه أحمد ، وأبو داود والترمذي وابن حبان ، والحاكم ، عن أبي سعيد ]
 هذا في العلاقات الحميمة أستاذ علاء ، علاقة متينة ، سهر طويل ، أما علاقات العمل فلك أن تلتقي مع أي إنسان في حدود الأدب ، في حدود أداء الواجب ، وفي حدود المصلحة العامة .
الأستاذ علاء :
 سيدي الكريم ، الآن العدالة سقطت مثلاً ، أو جرحت ، كيف للجرح أن يرتق ؟
الدكتور راتب :
كيف يستعيد الإنسان عدالتَه ؟
﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾
( سورة هود الآية : 114 )
 لولا أن باب التوبة مفتوح لهلك معظم الناس .
(( يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ))
[ الترمذي عن ابن عمر ]
(( إني والجن والإنس في نبأ عظيم : أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر غيري ؟! ))
[ أخرجه الحكيم البيهقي ، عن أبي الدرداء ]
 حديث قدسي طويل في النهاية :
(( إن تابوا فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب ، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة بمثلها وأعفو ))
 باب التوبة صمام أمان ، باب التوبة حبل إنقاذ ، باب التوبة رحمة من الله عز وجل ، بل إن الله يريد أن يتوب علينا .

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾
( سورة البقرة الآية : 222 )
 وما أمرنا أن نتوب إلا ليتوب علينا ، وما أمرنا أن نستغفره إلا ليغفر لنا .
الأستاذ علاء :
 سيدي ، حتى يصل الإنسان إلى التوبة هل من خطوات جاء بها الشرع لتبيان للمعرفة ، لاستيضاح هذا الطريق ، العودة به إلى المدارج الصحيحة .
خطواتٌ لاستيضاح طريق التوبة :
الدكتور راتب :
 عندنا مرض اسمه القاتل الصامت ، ارتفاع الضغط ، خطورة هذا المرض ليس له أعراضاً أبداً إلا ما ندر ، هو القاتل الصامت ، أنا أسأل ، متى أعالج ضغطي المرتفع ؟ عندما أعلم أن ضغطي مرتفع .
طلبُ العلم :
 إذاً : أول شيء في التوبة العلم ، يجب أن تطلب العلم لتعرف أين أنت من الشرع ؟ أين أنت من الاستقامة ؟ هل هذا الدخل صحيح ، أو غير صحيح ؟ مشروع أو غير مشروع ؟ هل هذه العلاقة مشروعة أو آثمة ؟ هل هذا المال الذي تكسبه حلال أم حرام ؟ لا بد من طلب العلم ، طلب العلم أول مرحلة في التوبة ، لن يتوب الإنسان من ذنب لا يعرفه ذنباً ، يراه محمَدةً ، لا يتوب الإنسان من ذنب عرفه ذنب .
 إذاً : قبل العلم كل شيء معطل ، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما جميعاً فعليك بالعلم ، والعلم فرض عين على كل مسلم .
 لأن الإنسان كما تعلم أستاذ علاء هو في الأصل يشبه الجماد من نوع .
 الجماد : شيء مادي ، يشغل حيزاً في الفراغ ، وله أبعاداً ثلاثة ، وله وزن ، هذا الجماد .
 النبات : شيء آخر ، شيء مادي يشغل حيز في الفراغ ، وله أبعاد ثلاثة ، وله وزن ، لكنه ينمو .
 الحيوان : شيء مادي ، يشغل حيز في الفراغ ، وله أبعاد ثلاثة ، وله وزن و ينمو كالنبات ويتحرك ويمشي .
 الإنسان : شيء مادي ، له جسم ، وله وزن ، يشغل حيز في الفراغ ، وله أبعاد ثلاثة ، وله وزن ، و ينمو ويتحرك ويفكر ، فإن لم يفكر فقد إنسانيته ، أودع الله في الإنسان قوة إدراكية ، فما لم يبحث عن الحقيقة ، ما لم يتعرف إلى سر وجوده ، وغاية وجوده ، ما يتعرف إلى ربه ، ما لم يتعرف إلى شرعه العظيم فليس إنساناً بالمعنى الكامل .
الأستاذ علاء : 
 نريد أن نكمل بين يدينا الكثير من الموضوعات ، إن شاء الله نتابعها في حلقة قادمة ، والآن ماذا اخترت لنا من محطة علمية في هذه الحلقة ؟
خَلْقُ الإنسان :
الدكتور راتب :
 اخترت لإخوتي المشاهدين خلق الإنسان ، أي نحن كيف خلقنا ؟

﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾
( سورة الطور )
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
( سورة الذاريات )
 الفيلم الذي نتابعه بعونه تعالى بعد قليل يتحدث عن الإنسان ، كيف خُلق ؟ وفي أي المراحل قد مر ، هذا الفيلم يتحدث عنا جميعاً ، والآن لنقم برحلة زمنية قصيرة ، ونرجع مدة إلى الماضي ، وندقق معاً هذه الحكاية الرائعة ، المليئة بالمعجزات ، ولنشاهد كيف كان حال الإنسان في حين من الدهر ؟
هكذا بدأ خَلقُ الإنسان : خلية البويضة :
 خلية واحدة كما ترون أيها الإخوة ، خلية واحدة فقط في بطن الأم ، وجود عاجز ومحتاج إلى حماية ، أصغر من حُبيبة ملح واحدة ، وأنتم ، ونحن ، وجميعاً كنا هذه الخلية الصغيرة التي انقسمت إلى قسمين ، ثم إلى أربع ، ثم أصبحت أربع خلايا ، ثم ثمانيًا ، ثم ست عشرة ، واستمرت الخلايا بالتكاثر ، ثم ظهرت أول قطعة لحم ، ثم أخذت قطعة اللحم شكلاً ، وأصبح لها يدان ، ورجلان ، وعينان ، الخلية الأولى كبرت مئة مليار ضعف ، وأخذت وزناً لستة مليار ضعف ، فالتي كانت قطرة ماء فقط بالسابق أجر الله تعالى فيها معجزات عدة ، فخلق منها الإنسان الذي يتابع هذا الفيلم ، وقد بين القرآن الكريم كيف خُلق الإنسان ، قال تعالى :

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى *أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾
( سورة القيامة )
 أيها الإخوة الكرام ، تبدأ أول مرحلة في معجزة الخلق لنضج خلية البويضة في عضو في جسم المرأة يسمى المبيض ، أو مرحلة أن خلية اسمها البويضة تنضج في عضو في جسم المرأة اسمه المبيض ، هناك رحلة طويلة أمام البويضة الناضجة ، تدخل أولاً في قناة فالوب ، وهنا ستقطع مسافة طويلة حتى تصل إلى الرحم ، في قطع هذه المسافة شيء معجز ، هذه النطفة أصبحت طفلاً سوياً :
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ ﴾
 هذه البويضة تبدأ بالحركة لتدخل في قناة فالوب ، الحقيقة أن المدة قصيرة جداً ، تحاول قناة فالوب أن تجذب البويضة إليها ، بلمسات خفية على المبيض ، ونتيجة هذا البحث تجد قناة فالوب البويضة الناضجة ، وتسحبها لداخلها ، وحينئذٍ تبدأ رحلة خلية الناضجة في قناة فالوب الشيء الذي لا يصدق هو :
 إن حركة هذه البويضة في قناة فالوب فيها إعجاز في الخلق ، ذلك لأن هذه البويضة ليس لها أرجل ، وليس لها أدواة حركة إطلاقاً ولا زعانف ، ولا شيء ، لكن قناة فالوب فيها شعيرات تتحرك باتجاه الرحم ، وتنقل البويضة ، وسوف نرى ، يتوجب على البويضة قطع الطريق الطويل عبر قناة فالوب ، لكن ليس لها أي عضو يؤمن لها هذه الحركة لذلك خلايا القناة تحمل خلية البويضة من يد إلى يد ، إلى الجهة التي هذه البويضة ، وهذه في قناة فالوب وهذه صور مأخوذة من المناظير وهي صور حقيقية ، تأخذ قناة فالوب البويضة برفق إلى جهة هذه الأشعار التي تتحرك ، وتنقل البويضة عبر قناة فالوب .
 وعندما ندقق في هذه الشعيرات نجدها قد نسقت في المكان والشكل الذي يجب أن تكون عليه ضمن خطة ذكية جداً ، وتقوم معاً بحركة نقل إلى الجهة نفسها ، وكأنها آلة مبرمجة لذلك ، فلو لم يقم قسم من هذه الخلايا بمهمته ، أو قام بنقلها إلى جهات مختلفة فلن تصل البويضة إلى هدفها ، ولا تتحقق الولادة أبداً ، ولكن خلق الله تام في كل خلية تنفذ مهمتها التي أوكلت إليها دون أي خطأ ، وهكذا تتقدم البويضة إلى المكان المجهز خصيصى لها ، أي إلى رحم الأم ، لكن خلية البويضة المنقولة بدقة بهذا الشكل عمرها لا يتجاوز 24 ساعة ، وتموت ما لم تلقح في هذه المدة ، وتحتاج إلى المادة الحياتية للتلقيح ، إذاً : تحتاج إلى نطفة من جسم الرجل .
 هذه الصور أخذت بمناظير ضمن أجهزة المرأة ، مكبرة ألوف المرات ،
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ ﴾
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴾
( سورة الطارق )
الأستاذ علاء :
خاتمة وتوديع :
 تبارك الله في صنعه ، وخلقه ، وفي ما كوّنه في هذا الكون ، لا يسعني إلا أن أشكر أعزائي المشاهدين أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
 ونعدكم إن شاء الله تعالى أن نكمل الحديث عن مقوم التكليف وهي الشهوة ، وأن نستكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله ، شكراً لكم وإلى اللقاء .
 والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://info-noor-islam.ahlamontada.com
 
مقومات التكليف : الشهوة ـ العدالة والضبط : جرح العدالة ـ خلق الإنسان الجنين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  مقومات التكليف : الشهوة ـ تتمة بنود جرح العدالة ـ خلق الإنسان النطفة
»  مقومات التكليف : الشهوة ـ تتمة بنود جرح العدالة ـ خلق الإنسان النطفة
» - مقومات التكليف : الشهوة ـ الشهوة توافق الفطرة ـ من المجرة إلى الذرة
» مقومات التكليف : الشهوة . الشهوة الجنسية - صور المشيمة لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
» مقومات التكليف : الشهوة ـ شهوة المال ـ التمويه في عالم الحيوان لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات احفاد الرسول :: المنتديات: ثقف نفسك :: المقالات لنقاش-
انتقل الى:  
تعليقات فيسبوك

تابعنا على فيسبوك
 مقومات التكليف : الشهوة ـ العدالة والضبط : جرح العدالة ـ خلق الإنسان الجنين Flags_1
online
تويتر طائر


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا