لحمد لله رب العالمين ، ولي الصالحين ، وخالق الناس أجمعين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد :
فتُعد التربية الإسلامية أحد فروع علم التربية الذي يُعنى بتربية وإعداد الإنسان في مختلف جوانب حياته من منظور الدين الإسلامي الحنيف . وعلى الرغم من شيوع مصطلح " التربية الإسلامية " في عصرنا الحاضر ؛ إلا أنه لم يكن مُستخدماً وشائعاً في كتابات سلفنا الصالح ، ولم يكن معروفاً في تُراثهم العلمي الكبير ؛ وإن كانت قد وردت الإشارة إليه عند بعض المهتمين بهذا المجال من الفقهاء والعُلماء و المفكرين . وفيما يلي محاولةٌ لتسليط الضوء على بعض المرادفات التي استُخدمت - قديماً - للدلالة على مصطلح " التربية الإسلامية " ، وبيانٌ لمعناه ، ومفهومه ، وتعريفه .
= مرادفات مصطلح التربية في تراثنا الإسلامي :
لم يرد مصطلح " التربية الإسلامية " بهذا اللفظ في القرآن الكريم ، ولا في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ورد بألفاظ أُخرى تدل في معناها على ذلك . كما أن هذا المصطلح لم يُستعمل في تراثنا الإسلامي لاسيما القديم منه ؛ وإنما أشار إليه بعض من كتب في المجال التربوي بألفاظٍ أو مصطلحاتٍ أخرى قد تؤدي المعنى المقصود ؛ أو تكون قريبةً منه . وقد أشار إلى ذلك ( محمد منير مرسي ، 1421هـ ، ص 48 ) بقوله :
" تعتبر كلمة التربية بمفهومها الاصطلاحي من الكلمات الحديثة التي ظهرت في السنوات الأخيرة مرتبطةً بحركة التجديد التربوي في البلاد العربية في الربع الثاني من القرن العشرين ؛ ولذلك لا نجد لها استخداماً في المصادر العربية القديمة ".
أما الألفاظ والمصطلحات التي كانت تُستخدم في كتابات السلف للدلالة على معنى التربية ؛ فمنها ما يلي :
1) مصطلح التنشئة : ويُقصد بها تربية ورعاية الإنسان منذ الصغر ؛ ولذلك يُقال : نشأ فلان وترعرع . قال الشاعر العربي :
وينشأُ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كانَ عَودهُ أبـوهُ
وممن استخدم هذا المصطلح العالِم عبد الرحمن بن خلدون (المتوفى سنة 808هـ) في مقدمته الشهيرة .