عدد المساهمات : 16999 تاريخ التسجيل : 04/07/2013 الموقع : https://www.youtube.com/watch?v=QriWAmC6_40
موضوع: حق الزوجة على الزوج - الدرس ( 1 - 2 ) الإثنين أغسطس 12, 2013 10:05 am
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. مقدمة أيها الإخوة الأكارم، قبل عدة أسابيع عقد مرَّ معنا فصلٌ في رياض الصالحين حول حق الزوج على زوجته، وذكرت وقتها مجموعة من الأحاديث الشريفة حول حق الزوج على زوجته، وقد وعدتكم إثر ذلك الدرس أن أتحدث في درس قادم عن حق الزوجة على زوجها، لأن أساس نجاح الإنسان في الحياة سعادته الزوجية، والإنسان قد ينزعج من بيته، بإمكانه أن يغيره، وقد ينزعج من عمله، وفي إمكانه أن يبدله، وقد ينزعج من مركبته، وفي إمكانه أن يبدلها. الاصل في العلاقات الزوجية المودة والرحمة
الفراق بين الزوجين تعني التشرد للأولاد لكن الحياة الزوجية حياة مصيرية، بمعنى ؛ أنك إذا رزقت من هذه الزوجة بأولاد فإن الفراق يعني تشرد الأولاد، فلهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام حريصاً حرصاً لا حدود له على أن يكون الوفاق بين الزوجين تنفيذاً للمخطط الإلهي الذي يبدو من قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ( سورة الروم: الآية 21 ) إن الأصل في العلاقات الزوجية المودة والرحمة، هذا هو التخطيط الإلهي هذا هو الوضع الطبيعي، هذه هي الصحة النفسية بين الزوجين، فلو أن بين الزوجين مشاحنة أو بغضاء، أو جفاء، إن هذا حالة مرضية تقتضي المعالجة.
حرص النبي عليه الصلاة والسلام على سلامة الحياة الزوجية إن النبي عليه الصلاة والسلام حرصاً منه، وقد أنبأنا الله عز وجل بأنه حريص علينا. ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ ( سورة التوبة: 129 ) من حرصه صلى الله عليه وسلم على أن يكون في كل بيت مسلم، أن يكون في كل بيت من بيوت المسلمين سعادة مظللة، من حرصه هذا عليه الصلاة والسلام وجهنا توجيهات كثيرة فيما يتعلق من حقوق الزوج على زوجته، وحقوق الزوجة على زوجها. الحقيقة أن الأزواج دائماً يتحدثون عن حقوق الزوج على زوجاتهم، هذا من قبيل أن الأحاديث في مصلحتهم، ولكن لكل حق واجب، فإذا كنت تعتز بما قاله النبي عليه الصلاة والسلام من حق على امرأتك، فيجب أيضاً أن تلقي أذناً صاغية، أن تصيغ السمع إلى الأحاديث الأخرى التي تتحدث عن حق الزوجة على زوجها، كما أنك تبدي اهتماماً بالغاً بالأحاديث التي تتعلق بحق الزوج على زوجته يجب أن تلقي بالاً، وأن تصيغ السمع، وأن تلقي أذناً مصغية لحقوق الزوجة على زوجها، والبحث قد لا يكفيه درس واحد، لكن نبدأ هذا الموضوع في هذا الدرس، وعلى الله التوفيق. واجبات الزوج نحو زوجته: الاطعام والكسوة الحديث الأول: الاحسان في الكسوة والطعام
من حق الزوجةالإنفاق عليها في المطعم النبي عليه الصلاة والسلام بيّن في بعض الأحاديث الشريفة أن أول حقٍّ للزوجة على زوجها أن يحسن إليها في كسوتها، وطعامها هذا الحق الأول. عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ حَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ: مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ؟ قَالَ: (( تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ... )) [ أحمد ] ِلكن العلماء قنّنوا أن هذا الإحسان في الكسوة وفي الطعام يجب أن يكون في الحدود المعتدلة، تطبيقاً لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ﴾ ( سورة الإسراء: 29) الإنفاق له حد معتدل، إذا زاد عن هذا الحد انقلب إلى الضد، وكان الفساد في الأرض. لا لإرضاء الزوجة بمعصية الله في الحديث إشارة خطيرة جداً، هؤلاء الذين يتحملون معصية ربهم من أجل إرضاء زوجاتهم ما قرؤوا هذا الحديث، ما كلفك الشرع أن تطعمها طعاماً لا تستطيعه، أن تطعمها إذا طعمت، إذا طعمت فأطعمها، أما إذا لم تقدر أن تأكل ما تشتهي فلا عليك شيء، لذلك كانت الصحابيات الجليلات يخاطبن أزواجهن قبل أن يغادر أزواجهن البيت، تقول له: يا فلان، نصبر على الجوع، ولا نصب على الحرام. إنّ أيّ إنسان يقول لك: أنا أفعل هذا من أجل زوجتي، من أجل أولادي، من أجل أن أرضيها، يجب أن أحصنها، يجب أن أرضيها لا، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: أن تطعمها إذا طعمت، يعني لا ينبغي للزوج أن يأكل ما لذا وطاب، وأن يجعل طعام زوجته في مستوى أدنى، أن يطعمها إذا طعم، أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت. (( وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ )) لأن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان في وجهه، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ضرب الوجه، فقال عليه الصلاة والسلام: (( وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ)) وإذا ذكر الله فأمسكوا ولا تضرب الوجه، ولا تقبح بالكلام، هذا من حقها عليك: (( تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ )) يجب أن تبقى في البيت، لأنها إذا بقيت في البيت فالقضية سهلة الحل، أما إذا انطلقت إلى بيت أهلها، طردتها من البيت فالأمر يتفاقم، وقد ينتهي إلى الطلاق. والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ﴾ إذاً: الله عز وجل أمر الزوج أن ينفق على زوجته بقدر ما أعطاه الله، إذا وسع الله عليه ينبغي أن يوسع على عياله، لهذا قال عليه الصلاة والسلام: (( ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله )) [ الجامع الصغير عن جبير بن مطعم ] ﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ ( سورة الطلاق: من الآية 7 ) الحديث الثاني: وقد روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ )) [ أبو داود وأحمد ] يعني يكفيه هذا الإثم العظيم أن يضيع من يقوت، هؤلاء عيالهم مَن لهم ؟ ليس لهم إلا الزوج، فإذا ضيع هذا الزوج من يقوت فقد ضيع أهله، وقد ألجأهم إلى التطلع إلى غيره، وقد حملهم على بغضائه، وقد حملهم على كراهيته، لذلك العاقل إذا آتاه الله مالاً. ﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ﴾
أفضل دينار تنفقه على عيالك من غير إسراف، ولا تبذير، ولا مخيلة. الإمام مسلم في صحيحه روى حديثاً عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ... )) [ مسلم ] وفي رواية أحمد عن ِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( دينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، دِينَارٌ فِي الْمَسَاكِينِ، وَدِينَارٌ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ فِي أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الدِّينَارُ الَّذِي تُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِكَ )) [ أحمد ] أي في عتق رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، باب ثالث ودينار أنفقته على أهلك، من منكم يظن أو يتوقع أي هذه الدنانير الأربعة هي أفضل عند الله ؟ قال عليه الصلاة والسلام: (( أَعْظَمُهَا أَجْرًا الدِّينَارُ الَّذِي تُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِكَ )) الدينار الذي أنفقته على أهلك، لماذا ؟ لأنك إذا أنفقت دينارا في سبيل الله، ربما أنفق غيرك هذا الدينار، إن لم تنفق أنت أنفق غيرك، وإذا أنفقت دينار في عتق رقبة ربما أعتقها غيرك، وإذا أنفقت دينار على مسكين ربما أنفقه عليه غيرك، ولكنك إذا امتنعت على إنفاق المال على أهلك فمن ينفق عليهم ؟ من لهم غيرك ؟ أعيد عليكم رواية الحديث: روى الإمام مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده، واللفظ له: (( دينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، دِينَارٌ فِي الْمَسَاكِينِ، وَدِينَارٌ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ فِي أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الدِّينَارُ الَّذِي تُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِكَ )) فهنيئًا للذي يسعى، ويجد، ويكد، وينفق على أهله، هذا نفقة هي عند الله أفضل من الأنواع الثلاثة التي وصفها النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث. الحديث الثالث: وفي حديث آخر روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله )) [ الجامع الصغير عن جابر ] يجب أن تعلم الزواج جملة وتفصيلاً إنما شرع الله عز وجل من أجل أن يكون لك فرصة لعمل صالح تتقرب به إلى الله عز وجل، كيف أن الله سبحانه وتعالى خلق في الأرض معايش، وأبواب لكسب الرزق، هل رفع الحرارة، الحر باب من أبواب كسب الرزق، معامل المكيفات، معامل المراوح، المرطبات، هذا كله، هذا باب كبير من أبواب كسب الرزق، والبرد أيضاً باب من أبواب كسب الرزق، وطول الشعر باب من أبواب كسب الرزق، والمرض باب من أبواب كسب الرزق، وجرثومة تصيب بعض النباتات باب من أبواب كسب الرزق، مهندسون، وأخصائيون، وأدوية، ومرشات، واستيراد بضاعة، وتحويل ثمن البضاعة و... كله بسبب هذه الجرثومة التي خلقها الله من أجل أن تكافحها. ربنا عز وجل جعل في الأرض أبواب للرزق لا تعد ولا تحصى، وفي المقابل جعل أبواب للعمل الصالح لا تعد ولا تحصى، إن من أعظم هذه الأبواب موضوع الزواج والأسرة، جهدك في عملك كسب الرزق. (( من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفور له )) [ الجامع الصغير عن المقدام بن معدي كرب ] من أجل أن تنفق على زوجتك وعلى أولادك، من أجل أن تجعلهم يطمئنون إليك، ويلتفتون إليك، هذا كله من العمل الصالح. لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (( أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله )) [ الجامع الصغير عن جابر ] الزوج الصالح الذي يكسب مالاً حلالاً ينفق على أهله، يلبي لهم حاجاتهم، التدفئة، الأثاث المعقول، اللباس المعقول، الطعام المعقول، أنا أقول: المعقول من دون إسراف، ولا تبذير، ولا مخيلة، الشيء المعقول. الحديث الرابع: لا زلنا في الحديث عن حقوق الزوجة، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَقَى امْرَأَتَهُ مِنْ الْمَاءِ أُجِرَ )) [ أحمد] هذا تشجيع للزوج أن يقيم مودة بينه وبين زوجته، من خلال أن يرعاها، وأن يحفظها، وما إلى ذلك. وفي حديث آخر: (( وأن يضع الرجل اللقمة في فم زوجته هي له صدقة )) [ ورد في الأثر ] والعلماء قالوا: إن الزوج يجب أن ينفق على زوجته الموسرة، هذا حق، وإنْ كانت موسرة غنية، أو فقيرة، هذا ليس من شأنك، وإذا طابت لك عن شيء فكُلْهُ هنيئاً مريئاً، والعلماء قالوا: يُسمح للزوجة أن تدفع زكاة مالها لزوجها الفقير، لكنَّ الزوج لا يحِقُّ له أن يدفع زكاة ماله لزوجته، لكنَّ الزوجة الموسِرة يُمكِن أن تدفع زكاة مالها لزوجها. الحديث الخامس:
روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ )) [ البخاري ] صدقة بكلِّ ما في هذه الكلمة من معنى. ما هي أفضل الصدقات ؟ مثلاً: زوجته بحاجةٍ إلى معطفٍ في الشتاء، معطفها السابق لا يليق، يجعلها تشعر بأنها وضيعة، فاشتريت لها معطفاً يتناسب مع دخلك، ومع مستواها، إن هذا الذي تفعله يُعدُّ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نصِّ هذا الحديث صدقةً، وأعود و أُكرِّر: من دون إسرافٍ، ولا تبذيرٍ، ولا مخيلة، العلماء فرَّقوا بين الإسراف والتبذير، فالإسراف في الحلال، والتبذير في الحرام، والمخيلة هي الكِبر، أن تُطلِع الناس على ما عندك من أجل أن تجعلهم يتصاغرون، هذا أحد أنواع الفساد. والإمام مسلمٌ في صحيحه أيضاً يروي حديثاً عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) [ مسلم ] إذا كان أخوك المؤمن بحاجة إلى شيء، هذا عمل طيِّب جدّاً، لأنَّ المؤمن له مكانته، له كرامته، له مروءته، له حياؤه، له خجله، فإذا لبَّيت له حاجته، وحفِظت له ماء وجهه، وكففته عن السؤال، هذا عمل عظيم، فأفضل دينارٍ يُنفقه الرجل دينارٌ ينفقه على عياله، ودينارٌ يُنفقه على دابَّته في سبيل الله، ودينارٌ يُنفقه على أصحابه في سبيل الله. ألا تعلمون أن إنفاق المال على الزوجة أحد أسباب القِوامة عليها، لقول الله عز وجلّ: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ ( سورة النساء: من الآية 34 ) الإنفاق من مقتضيات قوامة الرجل على المرأة أحد أسباب القِوامة على زوجتك أنَّك تنفق عليها، فلو أنك امتنعت من الإنفاق عليها، شعرَت أنك لا تُنفِق عليها، وأنَّك تضِنُّ بمالك عليها، وعندئذٍ تستعصي عليك، وتبتعد عن تنفيذ أمرك، وقد تعصي، و قد تستفِزُّك، لأن أحد أسباب القِوامة أن تُنفِق على زوجتك، لذلك الزوجة التي لها دخلٌ - لا أقول: مُطلقاً - في الأعمِّ الأغلب، التي تشعر باستقلاليّتها عن زوجها كثيراً ما تُسيء مُعاملته، تقول لك: أنا أُنفِق على نفسي. بالمناسبة ؛ أنت إذا طلبت من الله الرزق، لا تريد أن يأتيك رزقكَ عن طريق زوجتك، أطلب من الله أن يكون الرزق عن طريقك وحدك، هذا من فضل الله عز و جلّ، إذا قسم الله لك رزقاً حلالاً يكفيك، ويكفي أهلك كان أكثر عْونًا لك على إدارة هذه الزوجة. العلماء يقولون: يسقط هذا الواجب - الإنفاق على الزوجة واجب - إذا فوّتت الزوجة على زوجها الهدف من الحياة الزوجية، وحينما تفوِّت الزوجة على زوجها الهدف الكبير من الحياة الزوجية يسقط حقُّها في الإنفاق عليها. مثلاً: إذا امتنعت عنه، هو لماذا تزوَّج ؟ من أجل أن يُحصِن نفسه، فإذا امتنعت عنه سقط حقُّها في الإنفاق عليها، وإذا هجرت بيته، وذهبت إلى بيت أهلها يسقط حقُّها في الإنفاق عليها، وإذا خرجت من البيت من دون إذنِهِ يسقط حقُّها في الإنفاق عليها، لذلك المحاكم الشرعيّة تعُدُّ هذا نشوزاً من الزوجة، لا تستحِقُّ النفقة إلا إذا دُعيَت إلى بيت زوجها، فإذا أبَتْ يسقط حقُّها في الإنفاق عليها. الحديث السادس: عَن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى )) [ البخاري ] أي ما جعلتَ الذين تنفق عليهم في غنى. (( وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ )) تقول المرأة لزوجها: إمّا أن تطعمني، وإمّا أن تطلِّقني، ويقول العبد: أطعمني، واستعملني، ويقول الابن: أطعمني، إلى مَن تَدَعُني ؟. هذا الذي يبخل على زوجته أو على عبده أو على أولاده، هذا عند الله آثمٌ إثماً كبيراً، تقول له الزوجة: أطعمني أو طلِّقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: أطعمني، إلى مَن تدعني ؟ الحقيقة أنّ بعض الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن المرأة يجوز لها أن تطلب الفراق من زوجها إذا لم يُنفِق عليها، لعِلّة عدم الإنفاق، وعلماء آخرون آثروا أن تصبر المرأة على زوجها، فلا يُعقل أن تأخذ خيره حين كان دخله كبيراً، وأن تطلب الفراق منه إذا كبا به جواده، أو ضعفت قواه، أو قلَّ رزقه، ليس هذا من الوفاء، لذلك الأرجح أن تصبر المرأة على زوجها، لأن هذه بتلك. وقد أجاز العلماء أن تستقرِض المرأة من أجل أن تأكل الأكل الأساسي الضروري على ذِمّة زوجها إذا امتنع من أن يُنفق عليها، فإذا يسَّر الله له وفّى هذا الدين، لقول الله عزَّ وجلّ: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ( سورة البقرة: الآية 280) ويقول الله عزَّ و جلّ: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرا ﴾ ( سورة الطلاق: الآية 7) الشيء الذي أحبُّ أن أقوله لكم: الإنفاق يجب أن يكون باعتدالٍ في المسكن والملبس والمطعم والمشرب. بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام فاطمة الزهراء جاءت أباها، طلبت منه خادمةً تُعينها على عمل البيت، فعَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ، فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا، وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ، فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا، فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: (( أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ )) [ البخاري ومسلم] النبي الكريم ما أحبَّ خادمةً لابنته فاطمة، هذا من باب الاعتدال. الحقيقة هذا كلُّه عن الإنفاق على الزوجة، هذا أوَّل حقٍّ من حقوق الزوجة على زوجها، أن يُحسِن إليها في مطعمها ومشربها وكسوتها، وأن يُطعِمها إذا طعِم. واجبات الزوج نحو زوجته: حسن المعاملة والعشرة لكنَّ الحقَّ الثاني: والذي يبدو لي أخطر من الأوَّل، لأنَّه ما من بيتٍ إلا والطعام والشراب متوافرٌ فيه - في الأعمِّ الأغلب - ولكن المشكلة الآن في إساءة المعاملة، الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يقول في آيةٍ محكمةٍ واضحةٍ صريحةٍ لا تحتمل التأويل: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾ ( سورة النساء: من الآية 19) عن عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَّرَ، وَوَعَظَ، فَقَالَ: (( أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ـ العوان: جمع عانية أي ضعيفة، المرأة في الأصل ضعيفة ـ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا... )) ما دامت هذه الزوجة لم تقترِف الفاحشة، وهي تحفظ نفسها، وتُطيع زوجها، وتُصلّي خمسها، و صوم شهرها، هذه زوجةٌ يجب أن ترعى حقوقها. قال بعضهم: إنَّ المرأة التي تحبس نفسها على راحة زوجها حتى تكون لديه كالأسير، خروجها بإذنه، كلُّ علاقاتها منضبطة بموافقته، إذًا: هي كالأسيرة، مُقابل أنها أسيرةٌ عنده ينبغي أن يغمرها بالعطف والمودّة، والُّلطف والإحسان، ما دامت عندك أسيرة فيجب أن تعاملها معاملةً تُنسيها أنها أسيرة. معنى المعاشرة بالمعروف هذا من معاني: ﴿ وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ﴾ العلماء فسَّروا المعروف تفسيرات كثيرة: المعنى الأول: من هذه التفسيرات: العفو والمُسامحة، هناك زوجٌ لا يعفو، استُرضيَ ولم يرضَ، اعتذَرَتْ له، توسَّلتْ إليه، رَجَتْهُ، هو حقود، إن كنتَ حقوداً، إن لم تُسامح، إن لم تعف، فأنت عاصٍ لله عزَّ و جلّ في نصِّ هذه الآية. المعنى الثاني: من معاني: ﴿وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ﴾ نسيان الهفوات، وترك تتبّع العثرات، هذا من معاني: ﴿ وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ﴾ المعنى الثالث: من معاني: ﴿ وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ﴾
العقوبة على قدرِ الذنب تماماً، تأديباً لا انتقاماً، أحياناً أزواج يستخدمون سلطتهم استخداماً تعسُّفيّاً لسببٍ تافه، لذنبٍ صغير، لهفوةٍ يحلف عليها بالطلاق و يطردها من البيت في منتصف الليل، لا، لا يجوز هذا، أساساً الحمقى لهم ردود فعلٍ عنيفة جدّاً، ردّ الفعل عنيف لا يتناسب مع الفعل، أمّا الموفَّقون في حياتهم الموصولون بالله، يُلقي الله في قلبهم الحكمة، فلا يُعاقب إلا بقدر الذنب، والنبي إذا كان أعرض عن زوجاته، فإذا كنت زوجاً ناجحاً جداً يجب أن يكون إعراضك عن زوجتك أكبر عقابٍ تعاقبها به، الإعراض فقط، أمّا السُباب والشتائم فإنك ستتلقَّى المثيل، ليس هذا من الحكمة، وليس من المعروف والإحسان، ولا من هذه الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة التي توصي الرجال بالنساء. المعنى الرابع: لكن أجمل تفسير لهذه الآية: ليست المُعاشرة بالمعروف كفُّ الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، لذلك تروي القصص أن رجلاً عنده زوجة سيئة جداً، فقيل له: طلِّقها يا أخي، قال: والله لا أُطلِّقها فأغُشَّ بها المسلمين، قد أُطلِّقها، ويأتي إنسان يتزوَّجها، إن فعلت هذا غششتُ بها المسلمين، فصبرُ الزوجة على زوجها أو صبر الزوج على زوجته بابٌ من أبواب الجنّة، هذه الدُّنيا دار ابتلاء لا دار استواء، منزِلُ تَرَحٍ لا منزل فرح، من عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عُقبى، فجعل بلاء الدُّنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدُّنيا عِوَضاً، فيأخُذُ ليُعطي، ويبتلي ليجزي. إذاً: ليست المعاشرة بالمعروف كفَّ الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحِلم عند طيشها وغضبها، في بعض الأيام يختلُّ توازن الزوجة، فتتكلَّم بكلامٍ منه ما يُسمَع، ومنه ما لا يُسمَع. النبي عليه الصلاة والسلام هو المثل الأعلى، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: (( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ، فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ، فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ )) [ البخاري ] هو قدوتُنا، لا تصدِّق أن إنساناً لا يوجد بينه وبين زوجته بعض المشكلات، هذه سُنَّة الله في الخلق، ليمتحِن عفوك وحِلمك، وحكمتك وصبرك، واتّزانك وضبط نفسك، النبي عليه الصلاة والسلام كان قدوةً لنا، فكان يقف موقِف الحليم الرحيم من زوجاته، لا تُصدِّق أن النبي الكريم عنده زوجات لم يسمع منهن كلمة، بل كانت زوجاته يُراجِعنه الكلام، ويهجُرنَهُ إلى الليل أحياناً، وكان يحلُم عليهم، هكذا ورد في السيرة. وكان النبي عليه الصلاة والسلام ينزل إلى مستوى زوجاته، إلى مستوى عقولهنَّ، و قد ذكرت لكم من قبل كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام تسابق مع زوجته عائشة فسبقته لأنها شابّة، بعد سنوات تسابق معها فسبقها فقال: هذه بتلك، تعادُل، هذه بتلك. النبي عليه الصلاة و السلام إذا دخل بيته بسَّاماً ضحّاكاً، فإذا كنت مرحاً، وكنت لطيفاً، وكنت ليّن العريكة مبتسماً، والله هذا شيء جميل، هذه أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام. المعنى الخامس: من حُسن المُعاشرة التي أمر الله بها أن تنظر إلى مزاياها إذا نظرت إلى مساوئها، لا يوجد إنسان كامل، وهناك أزواج يركِّزون على المساوئ فقط، بعض العيوب في شكلها، بعض العيوب في أخلاقها، في طباعها، لكنها حَصَان، عفيفة، شريفة، نظيفة، مِطواعة، يتجاهل ميِّزاتها، ويُبرز أخطاءها، ليس هذا من حُسن المُعاشرة. المعنى السادس: من حُسن المُعاشرة إذا نظرتَ إلى عيوبها، أو إلى بعض عيوبها، انظر إلى مزاياها أيضاً، هذا هو العدل والإنصاف، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ )) قال تعالى: ﴿ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ﴾ [ سورة النساء: من الآية 19 ] قد لا يُعجبك شكلها، لكن قد تُنجب لك أولاد أذكياء، موفَّقين، قد تكون الزوجة طيِّعة، قد تكون صبورة، قد تكون متواضعة، طلباتها معقولة، لو أنَّك تزوَّجتها كما تريد لأتعبتْك تعباً لا حدود له، فالله عزَّ و جلّ هو الحكيم، هو اختارها لك، اختياره، ألا ترضى باختياره ؟. المعنى السابع: من حُسن مُعاشرة الزوجة - هذه كُلُّها معاني حُسن المُعاشرة - أن لا تُسيء الظنَّ بها، هناك أزواج عندهم سوء ظنّ، طبعاً سوء الظنِّ ضروري و غير ضروري، ضروري إذا شككت بشيء، إنسان نبَّهك: انتبه، في منزلك حركة غير طبيعية، لا أنا حَسَن الظنِّ بزوجتي، فأنت إذا أجدب، إذا كان هناك ملاحظات، دلائل، ريب، فيجب أن تُسيء الظنّ و أن تبحث، لكن عندما لا يوجد أي دليل على وجود خطأ، ولا يوجد لفت نظر، عندها نهانا النبي عليه الصلاة والسلام عن أن لا نُسيء الظنّ بالزوجة، لأنّ إساءة الظنِّ بالزوجة يُحطِّمها، يُفقدها معنويَّاتها، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن سوء الظنِّ بها، وأن يتَّبَّع زوجها عوراتها. مثلاً: دخل إلى البيت فجأةً من دون أن يطرق الباب، جاء من سفر فداهم البيت مُداهمةً فجأةً، هذا يعني أنه يشُكُّ بها ؟ هذا يفعله من يُسيء الظنَّ بزوجته، فالنبي كان إذا قَدِمَ من سفر أعلم أهله قبل أن يدخُل البيت، هكذا علَّمنا النبي عليه الصلاة والسلام، الآن هناك هاتف، أخبرهم من المطار أنك وصلت، أمّا المُداهمة، والمُفاجأة فتعني أنَّك تشُكُّ بها، لذلك ورد في الحديث عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلًا )) [ البخاري ] أن يطرُق أهله ليلاً يتخوَّنهم - كأنّه يتخوَّنهم - أو يطلب عثراتهم، لأن هذا يوَفِّر الأمن للزوجة والسلام، ويوَفِّر لها كرامتها ومودَّتها معك. كلُّ هذه المعاني مُستنبطة من آيةٍ واحدة: ﴿ وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ﴾ ربَّما كان هذا الحقّ أبلغ من حقِّ الطعام والشراب، لا يوجد بيت ليس فيه طعام وشراب، والزوجة تأكل طعاماً خشناً، ولا تحتمل أن تُسيء الظنَّ بها، تأكل طعاماً خشناً، ولا تحتمل أن تكون قاسياً معها، تأكل أخشن الطعام، ولا تحتمل أن تهجرها، لذلك حُسنُ العُشرة مع الزوجة ربّما كان مُقدَّماً على واجب الطعام و الشراب. و هناك حقوق كثيرة للزوجة، لأنه كما قُلت في بداية الدرس: الأزواج يطرَبون طرباً لا حدود له لحقوق الزوج على زوجاتهم، يقول لك اللهم صلَّ عليه... هكذا قال...هكذا قال... اصبر، هناك أحاديث أخرى، كما أن لك عليها حقّ، لها عليك حقّ، والإنسان إذا عرف ما له و ما عليه و أعطى كلّ ذي حقٍّ حقَّه، ساد السلام في البيت. بقي علينا نماذج من مواقف النبي عليه الصلاة والسلام، الآن ننتقل إلى السيرة المتعلِّقة بهذا الموضوع. نماذج نبوية في معاملة الزوجة الحديث الأول: عَن عَائِشَةَ قَالَتْ: (( لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ بِحِرَابِهِمْ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ )) [ متفق عليه ] تطييباً لخاطرها. الحديث الثاني: وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (( كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ ـ يعني بالدُمى ـ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي )) [ متفق عليه ] هناك من يتزوَّج بنتاً صغيرة، فتقول له: أريد لعبة، فيسُبُّها، اجلب لها لعبة، وحُلَّ المشكلة، فالسيدة عائشة تقول: (( كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ ـ أي بلعب الأطفال ـ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي )) فالنبي يسمح لهُنَّ فيلعبنَ معي، بموافقته، هذا تطييبٌ لخاطرها، فإذا كانت زوجتك صغيرة، وطلبت منك شوكولا مثلاً فلماذا الانزعاج ؟ حنَّت إلى طفولتها، هكذا فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُريدها في سنٍ صغيرة و عقلٍ كبير. الحديث الثالث: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ ـ أي هذا الأمر صحيحٌ ـ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ )) [ متفق عليه ] الحديث الرابع: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى النِّسَاءِ، تَعْنِي فِي مَرَضِهِ فَاجْتَمَعْنَ فَقَالَ: (( إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ، فَإِنْ رَأَيْتُنَّ أَنْ تَأْذَنَّ لِي فَأَكُونَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَعَلْتُنَّ، فَأَذِنَّ لَهُ )) [ أبو داود ] انظر إلى الأدب، ما رضي أن يبقى عند عائشة إلا بعد أن جمع نساءه كُلَّهُنّ، واستأذنهُنَّ في ذلك، لأنها لها حقّ. الحديث الخامس: كن بساما في منزلك عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالَتْ: (( كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ )) [ البخاري ] كان إذا فَرَغَ كان في خِدمة أهله - أي يُساعدهم في أعمال البيت - من دون أن يشعُر أنه مُهان، كان في مَهنة أهله، فكان يحلِبُ شاته، ويكنُسُ أرضه، ويخصِف نعله، وكان في مَهنة أهله.
الحديث السادس: فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: (( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ، فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ، فَانْفَلَقَتْ ـ أي انكسرت ـ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ )) [ البخاري ] كان عادلاً، تلك أرسلت صحناً جديداً فكُسر، فأرسل لها صحناً بدلاً عنه. كان عليه الصلاة والسلام لا يسمح لزوجةٍ من أمّهات المؤمنين بأن تقول عن الأخرى من زوجاته كلمة نقص في مجلسه، لا يسمح أبداً، هناك شخص يسمح لزوجته الأولى أن تتكلّم عن الثانية، يقول لها: والله معك حقّ، ثُمَّ يذهب مساءً إلى البيت الثاني فتتكلم زوجته الثانية عن الأولى، فيُصغي لها، النبي عليه الصلاة والسلام لا يسمح لزوجةٍ من أمّهات المؤمنين بأن تقول عن الأخرى من زوجاته كلمة نقص في مجلسه، الحديث السابع: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ: (( مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ )) [ الترمذي ] الحديث الثامن: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )) [ البخاري ] الحديث التاسع: وفي رواية عن سَمُرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّكَ إِنْ تُرِدْ إِقَامَةَ الضِّلْعِ تَكْسِرْهَا، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا )) العملية تحتاج إلى مُداراة. الحديث العاشر: وفي روايةٍ أُخرى في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ، إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ )) الحديث الحادي عشر: و في روايةٍ لمسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا )) [ مسلم ] الحديث الثاني عشر: في خِتام هذا الدرس، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( خِيارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ )) [ ابن ماجه ] قصة وعبرة: أشكو مما منه تشكو بقيت قصّةٌ قصيرة: كان أعرابيٌّ يُعاتِبُ زوجته، فعلا صوتُها صوتَه، فساءه ذلك منها، وأنكره عليها، ثُمَّ قال: و الله لأشكوَنَّكِ إلى أمير المؤمنين عُمَر، وما أن كان بباب أمير المؤمنين ينتظر خروجه حتى سمِع امرأة أمير المؤمنين تستطيل عليه، وتقول له: اتَّقِ الله يا عُمَر فيما ولاّك، و ساكتٌ لا يتكلَّم، فقال الرجل في نفسه و هو يهُمُّ بالانصراف: << إذا كان هذا هو حال أمير المؤمنين، فكيف حالي أنا ؟، و فيما هو كذلك خرج عمر، ولمّا رآه قال: ما حاجتك يا أخَا العرب ؟ فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين، جئتُ إليك أشكو خُلُق زوجتي، واستطالتها عليّ، فرأيت عندك ما زهّدني إذ كان ما عندك أكثر مما عندي، فهممتُ بالرجوع، وأنا أقول: إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف حالي ؟ قال، فتبسَّم عمر رضي الله عنه و قال: يا أخَا الإسلام، إنّي احتملتها لحقوقٍ لها عليّ ـ إنّي احتملتها، أنا قادر أن أكون لئيماً، وأن أحطِّمها، ما أكرمهُنَّ إلا كريم، ولا أهانهُنَّ إلا لئيم، يغلِبنَ كلَّ كريم ويغلبهُنَّ لئيم، وأنا أحبُّ أن أكون كريماً مغلوباً لا أن أكون لئيماً غالباً ـ قال له: يا أخا العرب، إنّني احتملتها لحقوقٍ لها عليّ، إنّها طبّاخةُ لطعامي، خبّازةٌ لخُبزي، مُرضعةُ لأولادي، غاسلةٌ لثيابي، وبقدر صبري عليها يكون ثوابي، ألا يكفي هذا الكلام من سيّدنا عمر ؟ وبقدر صبري عليها يكون ثوابي >>. وللبحث بقيّة في درسٍ قادم والحمد لله رب العالمين