eliasissaoui Admin
عدد المساهمات : 16999 تاريخ التسجيل : 04/07/2013 الموقع : https://www.youtube.com/watch?v=QriWAmC6_40
| موضوع: ما بين الهجرة والأزمة الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 10:13 am | |
| خطبة الجمعة 01/11/2013 للشيخ الطبيب محمَّد خير الشَّعَّال, في جامع أنس بن مالك، دمشق – المالكي | خطب في الأزمة
(ما بين الهجرة والأزمة) قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]. مع دنوِّ ذِكْرَى الهجرة سَرَتْ بخاطري دروسٌ وعبرٌ من زمن الهجرة تنفع في أيَّام الأزمة. الدَّرس الأوَّل- الهجرة مِن مكانٍ لآخر فرضٌ على كلِّ مسلمٍ قادر مُنِعَ من إقامة شعائر الدِّين، أو غلب على ظنِّه مَهْلَكُهُ أو النَّيلُ من عرضه: فهذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وصحابته الكرام يهاجرون من بلدهم الذي فيه وُلدوا، وأرضهم التي عليها نشأووا وترعرعوا، لَمَّا مُنِعوا من إقامة شعائر دينهم، وهذا شأن كلِّ مسلمٍ ينجو أوَّلَ ما ينجو بدينه، ويحفظ أوَّلَ ما يحفظ صلتَه بربِّه. ومن هنا وجب على كلِّ من فكَّر في سفرٍ أو حضرٍ في أيِّ بقعةٍ من بقاع الأرض كان، أن يفكِّر أوَّلَ ما يفكِّر بتأمين دينه وعلاقته بربِّه، ربَّما سافر شابٌ للدِّراسة، وربَّما سافر آخرٌ للتِّجارة، وربَّما سافر آخرٌ للنَّجاة. فعلى كلِّ هؤلاء أن يسألوا أنفسهم: في المكان الذي سأسافر له، هل يَسْلَمُ لي ديني؟ فإن سَلِمَ فحيهلا وإلَّا فلا. يهون من أجل العقيدة التَّضحية بالغالي والرَّخيص. الدَّرس الثَّاني- عون المستضعفين ونصرهم مطلوبٌ مِن كلِّ مسلمٍ مستطيع: (إيواؤهم - إكرام وفادتهم - تلبية احتياجاتهم -التَّودُّد لهم - البشر بملقاهم) . فهؤلاء هم الأنصار يحتضنون إخوانهم المهاجرين، ويشاطرونهم أموالهم وأرزاقهم حبَّاً في الله وتقرباً إليه، وتقرؤون في ذلك عجباً، وبلغت رعاية الأنصار المهاجرين حدَّاً أنسى المهاجرين بذلهم وتضحيتهم وفَقْدَهم، وظنُّوا أنَّ إخوانهم الأنصار سيسبقونهم بالأجر والثَّواب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قَالَ الْمُهَاجِرُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْÙ �َا عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ، وَلَا أَحْسَنَ بَذْلًا فِي كَثِيرٍ، لَقَدْ كَفَوْنَا الْمَئُونَةَ، وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَإِ، حَتَّى لَقَدْ حَسِبْنَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ. قَالَ: «لَا، مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ، وَدَعَوْتُمْ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ») [رواه أحمد]. الدَّرس الثَّالث- بقي يقين النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بفرج الله منيعاً بوجه عواصف الأزمة، ولم يزل لسانه وقلبه يلهجان بذِكْرِ الله: وكذا المؤمن في كلِّ الأزمنة، وفي الأزمات خاصَّةً يبقى أمله بالله، وذِكْرُه الدَّائم لله قوتَ قلبه، وسلاحَه بوجه كلِّ لئيمٍ وزنيمٍ وشريرٍ. ولعلَّ أقوى مواقف اليقين بالله تعالى تقرؤونها في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لصاحبه أبي بكر وهما في الغار مختبئان، وقد وصل رجالاتٌ من قريشٍ إلى فم الغار، ولو نظر أحدهم إلى أسفل قدمه لرآهما، هناك بكى الصِّدِّيق رضي الله عنه فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» [رواه البخاري ومسلم]، وأنزل الله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40]. مَن كان الله معه فلا يحزننَّ على ما فاته من الدُّنيا، مَن كان في جانب الله فلا يهولنَّه ما يَرى مِن مصائبها،{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة:120-121]. أيها الإخوة: هذه وقفاتٌ ثلاثٌ مع الهجرة تنفع في هذه الأزمة. أسأل الله أن يكون عام 1435هـ، عام هجرةٍ من معاصينا لنقرع أبواب الله لاهجين بالدُّعاء بالفرج، فمَن أدمن قرع الباب ولج ولج.
والحمد لله رب العالمين | |
|